الأحد، 13 أبريل 2014

هلوسة | مع من أجلس؟




مع من أجلس؟

هل حقا أنا ابحث عن المثالية أم لا؟

  في جو جميل يرغب كل منا بمشاركته مع المقربين في جو مميز، لكن كثيراً ما حاولت محاكاة الأمر في عقلي، مع العائلة تشعر بغربة أمام البحر، وكأنه الوقت الذي يتطلب عليه البقاء فيه مع نفسك، ثم مع الصديقات هناك شيء كبير ناقص، حتى حين افترضت في خيالي شخص تحبه بيسان تجلس معه أمام البحر لكن ما زال هناك شيء ناقص وكأن المكان تنقصه أرواح كثيرة ستملأه بالبهجة إن كانت هنا، هذا الأمر مزعج بحق، فحين تتمنى من أحد مشاركتك في فرحة عظيمة تلك الحاجة الماسة للصراخ والضحك والرقص لأنك حصلت على مكافأة لم تتوقعها، أو حققت إنجاز عظيم  لا يوجد شيء يحصل على أرض الواقع كما يجب، وهذا مرهق جداً.

وما تزال منذ سنين كالقطة تدور حول نفسها محاولة إمساك ذيلها، لا يمكنك إمساك الحلقة المفقودة، حتى في خيالي لا يوجد شيء كما أريد، ولا زلت أحاول معرفة نوع الحلقة المفقودة، حقيقة الوحدة شيء جميل للغاية حين تعطي نفسك الحق بالاستمتاع بأغنية وصوت ومكان كالبحر الآن، لكن ماذا لو كان هناك، ربما ما ينقص فقط هو أن أكون لوحدي دون أن افكر بأن أحد ما قد يزعج هذا السكون والجمال.

كما أدين بالاعتذار لصديقة تكن لي حب عظيم جداً، لأنني حقاً لا أشعر بأنني اصدر تلك الكمية المهولة من الحب، أشعر فقط بالموت يسري في جسدي، والحقيقة لا أشعر بالمشاركة الحقيقة لكثير من الأشياء، وأنا حقاً أجيد فن المجاملة وهذا ما لا أحبه، لكن إن كنت صريحة تماماً لن أجد أحد حول أعماق وحدتي المخيفة وأنا أريد الجميع، لأن أعماق وحدتي فظيعة موحشة ومخيفة وانا أحتمي بهم، أعلم أن الحل هو أن أمسك العصا من النصف، لكن لا يمكن أن استمر بالنفاق في أي حال، لأنني لن اغفر لنفسي حينها. ولا يمكن أن اضحي بنفسي مقابل القبول الاجتماعي. رغم أنني احترم  صديقتي جداً وأحبها لكن أجد قلبي عازفاً عن العطاء، كما أن تجربة الكلام متعبة جداً تهز داخلي بعف وتخيف الطفل الموجود بالداخل، لأنني وأنا وذاتي ونفسي بحاجة للخصوصية ولا يمكن أن أشارك ما حصل معي أو ما أفكر فيه وما أنوي فعله مع الآخرين لأنه شأني فقط، ماذا يستفيدون حين يعلمون أنواع الفاكهة التي أفضلها، أو الموسيقى المفضلة أو كيف أحب مشروباتي، حتى البرامج المفضلة التي أتابعها، وعادات أهلي في البيت، لكن لا يوجد سوى هذي الاحاديث، وأجد الكثيرين مندمجين فيها لأقصى حد وأنا آخر شخص قد يقبل بمشاركة مفضلات في حديث مفتوح كجلسة نقاش أثناء الفراغ.

أما عن الوطن فمن ذا الذي يملك الحق بتقييم وطنيتي وما يعني انتمائي لأرضي، صحيح أن الوطن يوحدنا، لكن علاقتي بالوطن غير قابلة للمقارنة مع غيري من حيث افضل أو أكثر من غيري أقل أو أسوأ، فكلنا نحب أو نكره بطريقتنا وبإرادتنا، والانتماء لأرض أو لمجتمع هو حاجة بشرية ماسة.

ثم هل يشعر أحد بي حين أشاهد منشور عن الأسرى، هل يجب ان أشارك لوعتي مع الناس، وأنا لا أقوى أصلاً على نشر أمر معهم، إلا وأشعر بتقصير نفسي، وما أفعله إن نشرت لا يكفر عني شيئاً إنما يضع قلبي في سيخ شواء فوق الفحم. كلنا نعبر عن ولاءنا للوطن وصناعه بطريقتنا الخاصة، وربما صلاة في جوف الليل أفضل من ألف منشور ومظاهرة. وربما درس ألقيه أو ورقة انتجها تفيد، وربما أيضاً مشاركتك البسمة مع الآخرين أفضل دليل على أنك مواطن صالح، الابتسامة قد تكون أكبر سلاح في وجه الاكتئاب والضياع والبطالة والموت، الوطن يا عزيزي لنا جميعاً، ليس لك فقط.

بينما أكتب في الباص واستمع لفيروز، مررت أمام جامعتي في الجنوب، وكأن مبنى H يحييني ويقول " أنتِ من جديد!" نعم أنا يا عزيزي، التعود حقيقة يصنع التآلف كما بيني وبين المبنى والجامعة، وقد أسميه حب لكن مع بعض الملاحظات، حتى المزارع المحيطة تعرفني والسوافي وأفتقد الكلاب الشاردة التي تكون هنا صباحاً.
ألا يمل هؤلاء الناس من الشمس؟ شاهدت هذي الأشجار على مدار العام، كم من ثوب كساها وكم غيرت من شكلها، مرة شاحبة ومرة خضراء رطبة، تكون في أجمل منظر بعد الشتا "فصل الحب". بالفعل مكان جميل كهذا من المعيب أن تسبب المخاوف قلة الزيارة إليه بمعنى انه مكان خالي وقد تحدث هنا سرقات أو خطف أو غيرها، ليس هنا فقط فهذا هو السبب الرئيس لبقاء أغلب الأماكن الأثرية مهجورة من المحليين في العراق، ومصر والسعودية.. ألا يمكنك أن تجدي مكاناً آخر سيدة جريمة ؟؟؟!

فيروز تغني الآن عن الحبيب، ترى لأجل من قد أغنيها، أو هل يمكن أن يكون لهذي الأغنية المعنى والاحساس العالي في لحظة ما؟! غالبا لا بنظري ..

بهذي اللحظة أشعر بنار تستعير بداخلي بعقلي وقلبي مع تركيز الشمس فوق رؤوسنا.. فيروز تعد ملطف جيد للأجواء .. هل من الطبيعي أن يعيش الانسان جنته على الأرض ويشعر بالرضا عن الحياة والأوضاع مستقرة حوله، ولا موت ولا بشاعة في الاجواء ولا بطالة ولا كساد بكل أنواعه وصولاً للكساد الروحي والاجتماعي؟؟
إن كان الطبيعي أن يعيش الانسان جنته هنا، لا بد أن نحاسب بأثر رجعي على كل ما فاتنا من حياة على هذي الأرض ؟؟ لست مكتئبة ابداً أنا احاول الوصول لأكبر قدر من السعادة وامسك بكل ما تطاله يداي، ولست افضل أو اقل من الناس هنا.

وهل من الطبيعي أن افتقد الكثير من الناس في هذا المقام؟ الصديقات والاصدقاء والناس الذين أعرفهم حتى معرفة سطحية، هناك اشخاص اتمنى بشغف ان أعرفهم عن قرب. ما سبب كل هذي الرغبات يا ترى؟!

ولماذا تغني إليسا عن الفراق دائماً؟ أجزم بأن أغانيها هي سبب فشلها العاطفي في التمسك بعلاقة واحدة طويلة الأجل، وهل تشعر الأزهار المتوردة في حديقة شبه مهملة بالفخر والغرور بين الأخريات؟ هل الظلم يقع هنا أيضاً؟ ما أشد غرور الانسان، نحن لا نقدر علاقتنا بالأشياء، وتربطنا المصلحة بكل شيء حتى القطة الصغيرة التي اعتدت أن تطعمها قد تحرمها من الطعام لأنها لم تفعل الحركة التي علمتها إياها امام الضيوف.

ولا يوجد ضير في اغتنام الفرص لتفعل شيئا جيداً، فالتغيير جائز في كل لحظة، اشياء كثيرة تنتظر منك ردة فعل على الاقل تجاهها، لكن هنا الأغلب متبلدون في الاحساس والفهم والفعل. الطفل الذي يبكي على الرصيف مثلا ينتظر منك أن تسأل عن سبب بكاءه ربما ضائع أو واقع وهو يجري، او صدمته سيارة بالخطأ، أو حتى ضربه أحد الاولاد، والرجل الحزين المكتئب ويشكو من ضيق العيش ومتطلبات الحياة التي لا تنتهي وخيبة أمله من تحقيق كل أماني لأطفاله، ينتظر منك ابتسامة لأنها تنعش الروح ولو للحظات، والفتاة التي تسير بالشارع لا تعلم لأي حد قد تكون معرضة لظلم وكبت وقمع، وتحاول تقييم شكلها ولا تغفر جهلها الذي هو واقع مفروض عليها غالباً، ثم تأتي لتقيم الجمال الذي لم يكن بيدها، جسدها وشكلها لأن ليسوا من  شأنك، كما أنه ليس شأن الناس أن يتدخلوا في شكلك .


وصلت سأنزل الآن ,,  J


هناك 4 تعليقات:

  1. كأن الزمن توقف و أنا أقرأ .. أخذت نفساً عميقاً جداً حين انتهيت .

    ردحذف
    الردود
    1. ممتنة للوقت الثمين الذي امضيته هنا :)

      حذف
  2. وانا أتسأل أيضا لم عليهم أن يدركو كل تفاصيلنا بدافع الحُب !

    #سبيل

    ردحذف
    الردود
    1. كثيرة هي الأشياء التي تدعو إلى التساؤل سبيل !

      حذف