الأحد، 14 أغسطس 2016

الاكتئاب والملل والاستغلال


الفرق بين الغرق والاكتئاب والحزن والمرض
في البداية زمان، بينما "هكتور" يشعر بالخطر على طروادة، أغلقت الباب  فتاة طروادية على صديقتها ونفسها، قد يستغرب الشخص يعني، بلد على وجه مجزرة وتركيز على حديث بلا قيمة لفتيات! الإنسان ونفسه واغواره سر بناء المملكة، تقول التي امسكت مقبض الباب قبل قليل أنها خلاص توصلت للسر للحصول على المبتغى حتى طريقة التربع في قلوب الناس! يا ساتر ماذا يمكن أن تكون?! تقول الأخيرة أن السر يكمن في "الحزن"!
طبعا ما زالت وسائل الإعلام تبتز مشاعرنا بتقارير ملفقة أو مدعمة بحقائق مجزوءة أو معلومات مضللة أو غيره، يمكن حتى "أخيل" انتهى بهذي الطريقة اعتقد، لنعود للداخل حديث الفتيات مشوّق أكثر.
في ظل قنديل يصعد أصانصير من عيون الفتاة الثانية حتى رأس أميرة الأحزان وينزل، مع شلل جزئي في باقي عضلات جسم المستمعة، واضح أن عقلها تلقى صدمة أو ما شابه.
مؤخراً أظهرت أبحاث أن الاكتئاب مرض العصر الحديث، وبطبيعة الحال هو مرض عضوي ناتج عن عدم اتزان في كيمياء المخ، يعني سيرتبط عاجلاً أو أجلاً بعارض عضوي في مكان آخر غير الدماغ، كنت ومازلت اعتقد بدون دليل علمي أن الانفلونزا مثلا تأتي على رائحة  الاكتئاب، وهذا ما يحصل معي عند تلقي خبر محزن يبدأ الرشح فأسمع موسيقى لطيفة ومبهجة مع تناول كمية يسيرة من الحلوى فتختفي الفايروسات! غريب قليلاً لكن يحدث بالفعل.
يقال أيضا على لسان باحثين أن الإرهاق يعد من مسببات الاكتئاب، وهنا نضيف الملل لقائمة المقارنات أو للبحث عن الرابط العجيب، لنتحدث من منطق غزيّ الآن بعيدا عن طروادة، يعيش المواطنون حياة مقرونة بالمنع تجاه حقوق عديدة، وحاجات لا تتوفر ، يستغرب البعض اكتئاب مواطن سافر سابقاً ومضطر للعيش في غزة مثله مثل غيره، طبيعي أن يتعرض صاحب هذي التجربة لاحتمال الاكتئاب أكثر من غيره، العمل والدراسة وكل ما هو مرتبط بالحياة المادية التي تنعكس في أشياء كثيرة ، خريج أو عامل أو موظف، أو حتى طالب يواجه الامتحانات التي تعد مسبب منطقي للاكتئاب بكل الاحوال، يعني لا أفق مع استنزاف قدرات نفسية وعقلية وجسدية ومادية من أجل نجاح في الحياة بنسبة خمسين بالمئة للجيد وأقل بكثير للعادي، الآن مع كل الاحتمالات السابقة يوجد احتمال التأثير مثل خاصية الحمل الحراري في بعض العناصر الطبيعية، وأخيراً العوامل الوراثية، نحن نملك نسخاً من جينات أهلنا واهلهم وأهل أهلهم، اختلال واحد في النص المكتوب في شريط الحمض النووي والذي يدل على خلل في كمية أو توزيع هرمون معين يعني باختصار سنحصل على سلالة كئيبة.
صنف الشعراء الحزن قديما من أكثر الأشياء فتكاً بالقلوب، ولا سيما عاطفياً، وهي عاطفة كالحب وغيره في حالة الصدق، للحزن بواعث ودوافع كثيرة وتصنف إن ادرجناها مع التراجيديا أو المأساة إلى حالة عاطفية نبيلة حسب الإغريق، أتفق مع الإغريق ولهذا منطقياً أجرم استغلال هذي العاطفة تماماً كاستغلال الأطفال بالعمالة الصغيرة أو انتهاك الحقوق أو النفس أو الجسد للصغار وغيرهم، لأن العبث بالفطرة السليمة والتلاعب فيها لا يقل خطورة عن ارتكاب اي جريمة أخرى.
اليوم نحن نعيش في عصر التوحد، حتى وسائل التواصل الإجتماعي لا تعطيك حقك وانفتاحك المطلوب، هي إما تزيد عزلتك أو تنتهك حياتك بشكل فظيع، الإنسان أصبح مستهدفا وقابل للتطويع والتشكيل مع ما يسمى الحداثة، وهذا باعتقادي سببٌ كافٍ للاكتئاب أو الانتحار أو الاثنين معاً، لكن الميزة الموجودة رغم كل المعيقات هي النظام الذاتي الذي يملكه كل منّا، يمكن مثل طروادة أن نرفع الحصون ونمنع الدخول للحامية متى اردنا بشكل طبيعي، يمكن أن نفعّل التحكم والرقابة على عمليات التبادل التجاري والديبلوماسي، وفي الداخل بكل هدوء يمكن أن نعيد ترتيب المكان وفقاً للمستجدات والأولويات والحاجات، يعني عادي يمكنك أن ترسل بطلب المهرج ليسري عنك وعن الحاشية، أما لو لم تفعل وفي حضرة رسول المملكة المجاورة فأنت بلا مؤاخذة تستعرض، على الشبكة العنكبوتية مواقع مخصصة لمعالجة هذا النوع من المشاكل، تجدها تقارن بين الدور الذاتي والخارجي لحل المشكلة، حوالي 90% من المسؤولية والقدرة على المساعدة تكون ذاتية، والبقية للمواقف الحرجة كأن يطلب المكتئب من شريكه أن يساعده بالحديث أو التسرية أو منعه من الإنتحار في حالة المحاولة. (تجنبت ذكر العقارات المستخدمة للعلاج لأنها تستخدم للمراحل المتقدمة ولا داعي لذكرها)
يعد من السخرية أحياناً أن ننظر لمشاكلنا ونعاينها بالشكل البدائي، بينما النفس الإنسانية في هكذا عصر يجب أن تخرج من القارورة الاجتماعية والنفسية وغيرها لتنظر لمقارنات وأنظمة ممكن تواجدها في الكون ومحاكاتها لتطوير حياة البشر والتقدم بسرعة الضوء، الواضح أن الإنسان على وعيه الحالي لا يستطيع أن ينتزع الإنسان الأول منه، او يضمن فعالية الوعي البشري الجمعي مغلقاً الباب على المرحلة السابقة، ولهذا يراوح مكانه منذ ألفيات ليست قليلة.


 ** مرفق أغاني حزينة للحزينين والمكتئبين من باب المواساة ♥