الاثنين، 4 ديسمبر 2017

جوانب ستة


ليس في حياتي ما يستحق التسجيل، عندما تكون في بيت لابد من وجود ركن مجهول، لديّ نماذج كثيرة لهذا الركن، كل واحد نتحدث فيه إلى ما شئنا، يظن الجميع أنني أكثر من النوم لا أفعل في الحقيقة، تؤذيني أشياء ربما لا يلاحظها أحد

الحياة أصبحت قاسية مؤخرًا، ويضطر أي شخص يشبهني لاتخاذ تدابير عرفية في مواجهة السخافات، أصبحت أبقى لمدة طويلة في البيت، كأن كل شيء هنا لديه سعار جنسي، الخروج حرج ولديه أوقات، جارات ينصحن بأوقات وأسباب معينة للخروج حتى لا يساء الظن، واضح أنني وقعت في فخ نصبته عندما نسيت تماماً أنني سأضطر للتعامل مع المحيط يومًا ما، كما لديّ جيران متدينون ليس لديهم مشكلة بالتحرش اللفظي أو النظر الوقح، لست أتذكر استيعابي لكل هذه الأمور لكن أصبحت واضحة وكثيرة، بنفس الوقت إن كانت هذه سمة طبيعية لماذا تسبب الأذى؟ 
جميل أن تلازمك الدهشة لهذا السن، ما زلت أدهش أو أصدم عند تعاملي مع النساء في هذي المنطقة، سطحية وبساطة مريعة، مسكينات جدًا ويبررن فظاعات، الغريب في المكان لسن هنّ طبعًا، في أغلب الأحيان لن يتحدث أحد بهذا المنطق وإن كان يفكر به، المهم لا مكان لمن هم مثلي في أي مكان، ونحن كثر بالمناسبة، ولا أمدحنا أبدًا


لم أتخيل يومًا أن تكون كل هذه القيود والمستقبل الأسود ضمن لعبة، أمس تناول عدد من المغردين قضية الطائرة المخطوفة، لعبة لعبة ... في الحرب وفي كل حرب أو اجتياح كنت أتخيل أن كل شخص حياته مهددة أو يفقدها الآن لديه حلم ومشاريع وأشخاص يحبونه وأخر يكرهونه، خلال الانتفاضة استشهد كثير من أهل الحارة، لاحظت أن الصامتون الهادئون أول من يسقطون في المواجهات، والغاضبون كذلك وأي شخص مظلوم معهم أيضًا، لكن مع الوقت تصبح الأمور عشوائية أكثر، الأطفال الذين كانوا يموتون من رشاشات الدبابة أغلبهم كانوا مجهولين بالنسبة لي "ماعدا واحدة"، تلك العقدة الغريبة التي تجعلك تتجنب أشخاص لأنهم لا يروقونك ثم تندم لاحقًا عندما تكتشف أشياء جميلة فيهم تستحق المعرفة المسبقة، قبل عدة سنوات كنت أجاهد للتخلص من عاديّة الأشياء، وما زالت الأمور على هذي الشاكلة تحصل لأنها هكذا، وربما كنت أعرف مسبقًا أنني لن أستطيع التبرير لأني خلعت العباءة بصعوبة بالغة، صعب إنكار ضعفي في التبرير


الحالة العامة تتغير بسرعة ونتكيف بسرعة، مجتمع الأنفاق هذا أصبح شيئًا روتينيًا، أخبار التهريب وأموره عادية، حارتنا الجديدة مزعجة لأبعد الحدود ولا أطيقها، هناك أمور متوقع حصولها في المناطق الحساسة لكن أبدًا ليس إلى هذا الحد، في بداية سكنانا بينما أمشي من أمام كراج لتصليح السيارات ابتسم العامل بشكل خبيث ونادى باسمي مثلًا، وشخص آخر يرتدي بيجاما بنية مقرفة جدًا وبالية لا تعرف إن كان هذا لونها أو أنها متسخة، ينظر بوقاحة إلى الجميع خاصة الفتيات والنساء ولمبرره كل المنطق بالطبق، وهناك آخران واحد يرتدي تيشيرت بالي لديه عيون جوفاء تكاد ترى من خلالها تجويف الجمجمة الفارغ، ويحيرك جدًا إن كان هذا المليونير يستطيع استخدام ذكاءه إن وجد بهذي الملامح البلهاء أو غالبًا هو متنكر وهو بارع جدًا بالتنكر بالمناسبة، الذي بعده ملفت جدًا يرتدي جاكيت رسمي بلون "كاكي" قديمة جدًا وشبه مهترئة، يتحدث بصوت مرتف كل الوقت عن الله اللذي يحبنا كلنا، ثم نسمع صوته يضرب أنثى ما بالداخل، يأتي إليه شبان يائسون يقولون "وين الله تبعكو؟ ليش ما يشغلني؟" يخشى عليه الأول من الدخول في الكفر ويحذره ويطلب منه المزيد من الصبر، لديه فكرة وأحترمه لأن لديه فكرة، لكن فكرته قذرة للشخص الطوباوي فيّ، هو يؤمن بأن العمل هو العمل بغض النظر عن نوعه، يعني أيًا كانت المادة التي تدخل من نفقك، لا يهم المهم أنك تشغله وتساعد، لست سوى وسيط، أتخيل بهذا الصدد لو ينفجر مفاعل ديمونا مريحًا إيانا جميعًا

كلهم مشتركون بالجريمة، في أحلامي البوليسية رأيت الكثير من الإثارة والمؤامرات، أما الواقع لطيف ومنطقي وإنساني لكن تغلبه الإشكاليات