الخميس، 16 أبريل 2015

محاولة اغتيال



"اوبس ... لقد حطمت تمثالاً بينما أسير" 


هل حاول أحد من قبل أن يصلح أنف أبي الهول المكسور؟ قبل الحرب طيب هل حاول أحد أن يكسره؟ الذين صنعوه هل توقعوا أن يصمد إلى هذا الوقت؟ المساكين لم يعرفوا أنه سيبقى لكن سيذهب طيّ النسيات لاحقاً، بين الأهوال الشاخصة، حول الأهرامات في بقاع الأرض.

لا أظن أن أحداً يدرك حجم الجهد والوقت الذي يتطلب فناناً مثل دافنشي لصنع أجنحة ترتديها فتاة ما ربما، حتى الرافعات والتكاليف لتثبيتها على الأكتاف، كل ذلك انتظاراً لبلدوزر "محلي الصنع" ينافس الصناعة الأمريكية يسقطها سهواً أو عمداً أو حين قاد الآلة خبير القصف العشوائي في ليلة صيفية على الشريط الحدودي في غزة.

هل قتلت حسيناً آخر؟ لماذا تشهق واحدة، وتلطم أخرى، وتشق كراستها الثالثة؟ يا للهول! حتى صفية حاضرة وحنظلة وعائلته بالوطن والشتات، لطم من جديد! "ترد أيضاً؟ يا للهول ، يا للهول ، الجرأة في الرد للرجال.."، تؤكل ويأكل أكلك وتظهر الهوان حفاظاً على البرستيج؟

البحر صباحاً كان يحاول توجيه رسائل على وجه السرعة، خوفاً من وشاية الأسماك للصيادين، هائجاً مائجاً رائجاً كان، بكل الأحوال لم يكن الزلزال ليرقى إلى مستوى رختر للأسف، البحر يبالغ أحياناً، الباص ظالم جعلني أقف ساعة كاملة، ولم أجد في البحر شيء يسترعي الاهتمام، اهدر يا موج او لا تهدر، تستطيع الرياح الباردة أن تجمدك، كما جمدت أشخاص أعرفهم.

شوكلاته؟ فلافل؟ أي شيء؟ لا بأس، لم يشاهد البحر دموع السعادة ليلاً أو صباحاً، هل ارتدى طالب قبلاً ملابس الدوام قبيل النوم؟ أو هل ذهب للجامعة قبل الدوام بساعة؟ هل جرب البحر شعور الدراسة راغباً؟ البحر فقير، ألا تكفي ملوحته!

واضح أن كل شيء يدعم نظريتي القديمة، مقدار ارتفاع الموج يتناسب عكسياً مع صفاء اليوم، أيضاً مقدار ارتفاع الموج يتناسب طردياً مع الأحداث والمفاجأت خلال اليوم، في هذي لا يمكن أبداً أن نتجنى عليه ظلماً ونقول غدار. 

لماذا يخاف الناس في يومنا هذا من الأصنام كثيراً؟ إنهم ينكرون الديانة الوثنية بشدة تنم عن خوف، خوف غير مبرر، لدى بعض الأمم قد يعتبر تراث ثقافي وإرث حضاري يباهون به بين الأمم، لكن اليوم نحطمها وننكرها ونغمض عيوننا ونحن نهوي بالفأس على رأس أحدهم، مت! مت! ثم يتسلل عنكبوت حجري يعشش في دواخلنا، نراه في الكوابيس فقط، هذا ما استفدنا منه من فتاوى السعودية في هذا الشأن، طيب لماذا يتباكى المرء بينما يعبر مدائن صالح؟ طيب عاقل يحكي ومجنون يسمع، أقنعني يا اخي وفقك الله ورزقك الجنان والحور والغلمان المخلدون والعسل المصفى.

الله أرحم بنا من هؤلاء، سألت طالبة "لو كان التطور العلمي موجود فترة بداية الإسلام، هل كان ليرضى بالاستنساخ؟" هل كان ليرضى؟ لا أحد يعلم إلا الله.

القطط في الشوارع ملّت الحياة، تمر غير عابئة بالسيارة المسرعة، انتحار يمكن. هل تسائل أحد لو كانت الحيوانات تنطق ماذا تقول عنّا؟ كيف يمكن بالمنطق تفسير سلوك عنيف مفاجئ من طفل مار، او شاب يركلها بعلبة كولا صدئة؟ لماذا نحترم أبناء جنسنا فقط نحن البشر؟ هل نحترم أبناء جنسنا فعلاً؟ 

الطريق طويل طويل، وهم يتنكرون على شكل أشجار، أجزم أنهم ليلاً يخلعون عنهم العباءات الخضراء، ويثرثرون عنّا، البشر الغريبون، بعضها تقترب من البحر بينهم أسرار ربما "مثل الصور أعلاه"، ربما طلع عليها النهار أثناء محادثة مع الأمواج، وكمن أمسكت متلبسة بالجرم المشهود تسمّرت مكانهاً لاكتساب لون برونزي ولحين ولوج الليل لتعود إلى مواقعها بسلام.

لا أحد يرغب الكلام، ولا حتى أنت، الضجيج صنيعة المحرك المستفز المبتز، والهواء لا ياتي بجديد، لا شيء يستحق الإلتفات، تكرار الأمور مثير للضجر، والأخبار التي يرسلها البحر قاتمة أو مكررة، غيمة تجاكر غيمة، وأمواج لا تيأس من محاولات السيطرة على الأرض، وحجر مكعب يريد العودة لمكانه، أو طائر مستخف بالأمور إلى حد أن يلقي بمخلفاته على "طربوش" النخلة التي استقبلته يوماً على أحد القطوف.

استغرب عدم وجود موجات مشابهة للبحر، لهذا الحد مات الغضب والحرص والغيرة على العالم؟ البحر لديه إحساس أكثر منك، هذا بديهي. ليقولوا ما يقولوا من هو أوباما ليحكم على بوتن؟


ماذا سيخسر كل منا لو أخرج إبراهيم فيه، ومعه الفأس!



الثلاثاء، 14 أبريل 2015

عن الذي رأى كل شيء



"كان اليوم يوم الأحد
لأول مرَّة أخرجت إلى باحة السجن !
تعجبت لأن السماء زرقاء إلى هذا الحد
ولأنها بعيدة عنِّي إلى هذا الحدِّ، أيضاً !
اتكأت على الجدار تحت الشمس
الآن لا أريد امرأة
ولا حرية
أنا والشمس والجدار ،
وإني لسعيد"
ناظم حكمت


من أوروبا الشرقية وصولاً للشرق الأوسط وصولاً إلى المدارس أو المسالخ، هو الذي طاف عليها كلها ليلاً وعاش معنا نهاراً، الذي أبقى على "دانا" خارج السجن.
لماذا تمشي الحياة بشكل طبيعي جداً؟ يا ناس ! يا ناس ! هو الذي رأى كل شيء! لقد رأى الشبْح والتعذيب، رأى أنبل الناس يصابون بالصرع، وتتساقط أجمل أيامهم في المرحاض، وتتبخر ذاكرته أثناء الصعق بالكهرباء، بعدها تتسلط عليه اللصوص الصغيرة.
لماذا من الأساس تُمنح الوعي الذاتي وأنت دون إرادتك أو بها كاملة قد تذوب على سيخ شواء ساخن، في الرملة أو بئر السبع أو ريمون، هل أنت مسؤول عن معركة ذاتية، لذاتٍ أكبر منك أو عصابة مثلاً؟
المجد عن قرب له لون القروح، الجروح العميقة، والقيح، مع رائحة المياه المتعفنة.

لقد أراد أن ينتقم من الفتاة التي لم تعطه وجهاً في الحانة، تلك الـمجنونة لم تصدقني، بعد كل ما كان وكان، من حقها أن تخاف بالقدر الذي تشاء، ولن أجرؤ على إيذاءها، أخيفها إلى ما لانهاية فقط وأتظاهر باني أذيتها، من أجلي.

أؤمن أن الأثقال تحمل بعداً معنوياً أيضاً، سأشعر بالفخر يوماً "ربما" من الحقيبة، وربما لن أقوى على حملها أكثر، أتخيل لو أخرج أمام جمهورٍ عريض مستعرضةً محتوياتها، يااااه جميل!

الجو يزداد حرارة وأنا أنتظر الباص، إلى متى لا أحترم إرادتي، لا أريد أن أعود الآن، أو لا أريد، ليس بالباص بالطائرة مثلاً، طائرة سريعة جداً، أو مركب يتهادى "على مهله"، المحفظة "بنت الشيكل" تريد الباص.
في هذا الزمن يسير الرجل وسيده أو سيدته في جيبه، لن تشعر بالعبودية إن كان لديك تلك البطاقة الصغيرة، تسحب منها ما تشاء، كيفما تشاء، أينما تشاء، قدرما تشاء من الماكنات المنتشرة في أماكن، هذا النوع.
لا معنى لكل هذا، صدقاً...


- "لماذا يجب أن نكون غامضين إلى هذا الحد؟"
- ألا يوجد جواب في الكتب يا نيتشه؟"
- "لا"
- "إذن أبحث في الحياة!"
- "كيف؟"
- "الإنسان هو القضية كما قال كنفاني والإنسان ليس في الكتب !"
- "أين؟"
- "في البارات والمناجم والشوارع. أبحث عنه هناك".
- "هل تدري؟"
- "ماذا؟"
- "عندما ودعت أبي قال لي كلمات لا أنساها إلى الأبد. قال لي: اسمع ! العالم واسع ! إذا ذهبت للبارات تجدها مليئة، وللكنائس والجوامع تجدها مليئة، والمدارس والمكاتب وأماكن الدعارة تجدها مليئة ... كل مكان مليء بالناس. الناس طرق فاختر طريقك الخاص".
- "هل وجدته؟"
- "لا أدري"
- "لماذا؟"
- لأنني أبصر أعمق مما يجب كما قال باربوس!". "أبي قال لي كلمة واحدة: ستندم. لا أريد أن أراه إذا ندمت، فمن الصعب معانقة الشيخ هذا وأنت فاشل! يلعن العالم! لماذا نفكر نحن فقط، في هذه الأمور؟ هل نحن معقدون ومختلفون عن بقية خلق الله؟"
- "ماذا سيحدث لو فشلت أنت وأنا؟"
- "ننتحر على ما أعتقد!"
- "سخافة! نبحث عن بداية أخرى".
- "هذا سخف! قل لي يا نيتشه أين سنذهب إذا لم تقبلنا السويد وانتهت التأشيرة ليوغوسلافيا؟"
- "كما تهوي بنا يا رجل!"



بالأمس تعلمت كثيراً، نوع المادة المقدمة يتحكم في مدى تركيزك ودرجة تيقظ الحواس، سبع وعشرة، عشر وسبعة، العشرة عبارة عن سبع وثلاث تتخيل؟! الأمر جنوني وكأن سيبيريا تقف على معادلة من هذين الرقمين، ونحن؟! نحتاج ثلاثة فقط، الأربعة أخت الثلاثة، ولدينا اثنتين، مريح الأمر نسبياً، مريح إلى حدٍ كبير.

"-افتح عينيك! 
- اغسل وجهك..
- شايف؟ 
- آه؟! 
- لأ انت مش شايف! ياخي خذ الأمور على محمل الجد مرة بس..
- يا أخي اتطلع كويس !
- ولك اتطلع، بضحكوا علينا
- مسألتنا مسألة وقت مش أكثر
- إحنا هننتهي قريب، قريب، أقرب مما تتخيل
- الناس وصلت القمر، واحنا لسا بنقاتل على قطعة قماش
- أخرس؟!!
- ماشي، سلام."



"لا نبصر، نحن العرب، إلّا الجانب المضحك من تاريخنا؟"

"لأن الشرط الأول للتقدم هو التقزز من أنفسناحتى نهرب منها! مسألة بسيطة! العالم الثالث يعبد أوروبا وأوروبا تعبد أمريكا وأمريكا لا تعبد شيئاً ما عدا حرباً عالمية ثالثة. فلنحوِّل عقدة النقص إى تقزّز والتقزّز إلى ثورة والثورة إلى احترام ذات".


"آه بالمناسبة، اللي شافوا ياما ..."



"النصوص بالأسود العريض مقتببسة من كتاب (الضفة الثالثة لنهر الأردن)."