الثلاثاء، 31 مارس 2015

غرفة المعرفة



العالم الإلكتروني غريب، يتيح لك أن تتحدث لكن يحرمك من الخصوصية. أحتاج أن أتكلم ولا يراني أحد، مثل بابلو الأسيوي الذي ينشر الإنجيل بكل اللغات حول العالم عبر نفس الشبكة ولا يراه أحد، بابلو راضٍ عن نفسه، بشوش طيب الخلق ولا أحد يعيره أي انتباه حين يترجم وينشر مقاطع من الكتاب المقدس. مررت عليه منذ عامين وكان على نفس الحال، لست على حالي أبداً، بابلو ليس في غزة ويستطيع أن يسافر لأي مكان، رغم هذا يحبس نفسه بالكنيسة، ربما كان يحب أن نتبادل الأدوار، سيعتبر الحرب تكفيراً عن ذنوب البشرية وسيكون أسعد الناس.
ما أعظم الكتابة على الحاسوب، لا يرى أحد خط يديك، لا أحد يراك بوضوح. طيب لا أحب التوبيخ، أشياء كثيرة أهون والله، أعترف بتقصيري، أمر غرفة المعرفة الخاصة بالطلاب غاب عن ذهني تماماً. لا أفهم شيء ولا أستطيع، ويبدوا أنها حالة عامة، في كل الأحوال يجب أن أبذل مزيداً من الجهد، الكتابة هي الخيار الوحيد المتاح الآن.
حين أموت أريد أن تحرق جثتي مع كل أغراضي، لا أريد لأحد أن يستخدمها، قد أجيز استخدام أعضائي، لكن أغراضي أبداً. لا يوجد شيء يمكن أن يفسر علاقتي بشيء استخدمته أو ورقة كتبتها، كأنها نسخة منك متروكة للهواء، لأي أحد، لمن يريد أن ينظر فيك، الأمر مريع.
لا بد من وجود حكمة وشيء جديد كقصد من أي فعل، بكل الأحوال بعض الأمور تحتاج تدخلات خارجية أحياناً، والخبرة تقاس بالسنوات وهي ثقيلة جداً على الميزان.
الأفاعي في الورق! لا هي في رأسك، كنت أتغلب عليها بصعوبة، وكان شيء جميل، لماذا حين تقرأ رواية مثلاً تعيد على الرحب والسعة نفس الفقرة مرتين وعشرة و ألف مرة حتى تفهم وتتغلب على الأفاعي؟!  لا أحد يفهمك، طيب حين يضعونك في مكبس داخل المكبس، عقلك سيكون أقوى عضلة في جسمك.
اليوم في أحلامي، ابتكرت جهازاً للتنفس تحت الماء، كنت غريقة ماء في كل مكان، ربما هذا يرمز للغرق في الحياة والمهام الفضائية، أو لأصل الإنسان، يقال أن كل الكائنات خرجت من الماء، لذلك كان من البديهي أن أتغلب على الغرق وأصنع جهازاً يجعلني اتنفس بسهولة بالأسفل. احتجت دافع للذرات في أنابيب صغيرة، ثم ضخ الماء عبر وعاء باستخدام محرك، نسيت كيف يعمل الآن! الآخر كان شيء يتعلق بالكهرباء وذهب مع طريقة عمل السابق.
غالباً تساورني الثقة حين أفكر بمعدل الذكاء، يمكن أن تكون صدمة حين يقول لك شخص يحمل شهادة عليا مثلاً أنك غبي ولا تصلح للدراسة، طيب لم يستنطقك بعد، برأيه أنت لا تجيد القراءة ويجب أن تبدأ بـ"ذاكرة الجسد" وتحاول أن تكون "أي حاجة"، ألهذا الحد؟ طيب في حال كانت ثقتك بنفسك في محلها، هل هذا يعني أنه عكس ما يظهر –الذي يدعي أنك غبي- ؟ معقول! لا أبداً، لا يعقل. آخ منكم، حقاً أماكن البناء تهدم أجمل ما فينا بالذات لو نظرنا إليها من جهة الجنوب.
لا يمكن أبداً أن تكون الطيور، القطط، الأشجار، والأزهار كاذبة، كلها طيبة، كائنات تحب المساعدة، لكن لا تستطيع، البستاني لا يسأل الشجرة أي شكل أو اسم تريد أن تحمل، طيب قبل استلام المكان هل كانت الشجرة تحمل اسم "يهوه"؟ هذا العالم غير إنساني بالمرة، الناس في الجوار لا تفهم أبسط المتطلبات، كارثة أو جحيم، أن ترى زومبي تمشي على الأرض، أجساد كثيرة مفرغة من مضمونها، الرؤوس فارغة، محشوة أشياء كثيرة صماء.
كيف ندرك أننا نسير إلى الهاوية؟ كيف يمكن بسهولة أن تنقبل الإقصاء والعنصرية والإساءة وسوء الظن والطعن وقذف الناس؟ كيف يمكن أن نردد ما نسمع ونصبح آلات مسجلة؟ كيف يمكن أن تصبح الدرجات التي لا تعني شيء أكبر همنا؟ كيف تكون مواعيدنا الضائعة في اللاشيء أولوية؟ لماذا ما زالت الحواجز في غزة؟ أذونات، أوراق، كتب، إذن، لأجل نصف ساعة من كلام لن يقدمنا ملم واحد؟ الأفكار المبدعة أحياناً تشبه الطبخات، لا أحد يحب أن يأكل طبخة "بايتة"، سيجعلونك تبيتها رغماً عن أنفسك.
لا يوجد أكثر من أحلامك، كل الأمنيات تتحقق، مرة رأيت وفد أجنبي يزور المكان، ويطلب أمنية من كل شخص، طلبت جنسية جديدة ومواطنة في مكان أخضر معتدل مائل للبرودة.
تكاد تبكي دماً حين تقوم بالعملية الحسابية إياها، حساب المنفعة أو الأولوية، هل أحفظ التحليل النقدي لهذي القصة أو ... ؟؟؟ في الثانوية العامة قضيت مدة طويلة حفظت أغلب النصوص من "الملك لير" وقصيدة IF والكثير الكثير، لكن الآن لا أكاد أتذكر منها شيء، تباهيت فيه فترة قصيرة وانتهت. أين المنطق في هذا كله؟
في السيارة طول الطريق، طلاب بالخلف مشغولون بقضية، صعب التقييم تشعر بالتقزز أو بالدوار، أو بالغضب، في هذي اللحظات تشتغل لطمية في رأسي تلقائياً، يناقشون حقيقة تلبس الجن بالإنس، وكيف هي أذرع هذي الكائنات، عيونهم آذانهم ... إلخ ، يوجد ما هو أفظع طالبة في الباص قبل أيام كانت تراجع مساق حاضر ما معاصر، أول مستشرق عربي، الكافر الزنديق، الشيعي المهرطق، المرتد.
في الطبيعة يوجد سلم للكائنات الحية، تعتمد على بعضها، هناك من يأكل الآخر، وهناك من يعيش حياة تكافلية، لماذا ننظف الحقل ونقتل الحشرات والطيور والزواحف؟ بالمقابل لو استخدمنا المبيد سنعدم الحقل تدريجياً، نحن نسير عمياً، صماً.


الثلاثاء، 17 مارس 2015

مارشمالو


الشعر هو الكلام المسحور، لكن ماذا لو كان هذا السحر لعنة؟ حينها لا يبقى الشعر شعراً، الشعر هو المشاعر المكتومة في قلوب الكائنات منظومة على سلم موسيقي، وإن كان السلم معطوباً تفقد تلك المشاعر صلاحيتها.
ماذا لو كنت أحب الجوقة الشعرية الثانية؟ لماذا أصلاً لا أحبها؟ لأني أكره الآلة التي تغني في القاعة. نعم أكرهها من أعماق قلبي لذلك لا أفهم ولا كلمة واحدة، ولا أشعر بشيء إلا الفراغ.

ماذا تعني الأشجار والنبلاء والموت والدموع، هذا كله بلا معنى. لماذا لا أقوم بفعل كل ما أرغب به؟ التوقيت والمكان خاطئين، في قلب الصباح الباكر، من النافذة أسمع العصافير وأفرع الأشجار تحاول التسلل للداخل لتسري عنِّي، ولا تستطيع، معذورة. سور معدني ثم زجاج إنهم لا يريدون للأشجار أن تجالسني. لا أستطيع ان أذهب لأجالسها  أيضاً، أليس ظلماً ان أقضي الصبح بهكذا فعل؟
العصافير قريبة تغرد بشكل متلاحق كي لا أسأم أكثر، ممتنة لها بكل الأحوال.
العالم كبير فعلاً، أكبر من قاعة مظلمة محاطة بالشبابيك المغلقة، بالخارج هواء عليل وأشجار على مد البصر، لا يمكن أن يفصلني عن السعادة جدار.  
استوقفني سؤال بالأمس، أنتِ مرهفة جداً أمام الأناشيد الصوفية! وهذي من صفات الإنسان؟ يااه أنا بشر ؟! معقول؟ 
حين انفصل عن المكان بشكل كامل أكون قد وصلت لمبتغاي لكن الأمر في غاية الصعوبة.
ليس منطقاً أن يكون الإنسان مشوّه داخلياً، لماذا أرغم على ارتكاب جرائم في ذهني؟ لماذا يجعلون من الشخص مجرم في نظر نفسه ويصفي حساباته داخلياً؟
أماكن قد نظن أنها تعد المستقبل في جنباتها ليست إلا مكان تقام فيه المجازر كل دقيقة، مجازر بحق العقول والارواح، مصنع مسوخ ربما، تعبير جيد.
هذا العالم غريب، يريد أن يأخذك منك إلى المجهول أو إلى القاع، قاع بلا قاع، عتمة بلا ضوء، ثقب أسود يصلنا بعالم الزومبي.
صمتت العصافير وأنا قلقة عليها، هل أظلم نفسي وأنا أوغل في هذي السلبية بعيداً عن الرغبة في أي شيء ؟
لاحقاً قد تنتقم منك نفسك على هذا..
ما فائدة المنطق حين لا يتحدث؟ أو لماذا يصمت أصحاب  الحق غالباً؟ 
لا أحد يحاسب على جرائمه هنا، بالأسفل قريباً بعد ساعة او اثنتين، تقام مجزرة  حين يقال للسواد : أمامكنّ راكب الجواد، كلكن، أغلبكن حبات مارشمالو في ليلة تخييم، المارشمالوالملونة ستذوب نهائياً، والبيضاء اخف نوعا ما الأطفال يطلبونها بشكل أقل، كلكن حلوى لذيذة، احذروا.