الجمعة، 10 فبراير 2017

الأنتيكة التي أحب



سمعت أنهم نظفوا بيت جدي، زرته آخر مرة في مناسبة لم يبق مما كان فيه شيء، في عدوان 2008 عندما تضرر بيتنا لجأنا لهذا البيت، أول ليلة نمت في غرفة جدتي، الوسائد والأغطية نفسها، السقف المكسور جعل مياه المطر تتسرب للغرفة لكن اؤكد أنها كانت ليلة دافئة.
لا شيء، جدتي كان لديها عقد مصنوع من عملات قديمة، أثواب مطرزة كثيرة، مكحلة جميلة، وعندما تريدني أن أنام تغني ما تحفظ لموفق بهجت وذياب مشهور، "الجاعد" صوف الخروف لم تكن حساسيتي منه تمنعني من النوم عليه.
الأنتيكة هي قطع ومواد تستخدم للزينة أو الأثاث أو استخدامات أخرى، لها قيمتها العالية بسبب عمرها أوجودتها، والمأنتك هو الشخص الجميل ذو التفاصيل المبهرة، مع كثرة التردد والاهتمام بها أصبحت أستطيع التمييز بين ما أريد وما لا أريد، مثلاً:
-القطع حديثة الصنع التي تباع وتشبه القطع القديمة لايجوز أن تسمى أنتيكة، هذه بلا روح ولا ماضي الانتيكة.
-القطع ذات الجودة المرتفعة تثير الريبة، أين كانت كل هذا الوقت؟
-القطع المكسورة أو غير الكاملة هي شغفي لأن لديها سؤال وبحث ما زال قائم، ولديها قصة كبيرة تخبرها.

-القطع المهترئة والتي لن ترغب باقتنائها وحملها معك، لا ألومك فغالباً سأفعل مثلك لكن تذكر أن هذه صاحبة الذكريات الأكثر زخماً.
-يجب أن تعلم ما تحب وما تريد جيداً، فقد يحصل وتباع أو تؤخد أمام عينيك قطعة ستذوب عليها وتندم طويلاً، من يعلم إن كنت ستموت قبل الوصول إلى ما يشببها مرة أخرى، وتبكي مع الست وترثي رثاء فيروز.
-أخيراً إن كنت لاتهتم ولا تحس بأهمية الأمر، إياك أن تسيء إلى محبي جمع الأنتيكة لأنهم أغلبهم مسجلون خطر.



أحمّل "أوسلو" المسؤولية كاملة على تحويل هذا الإرث بهذي السرعة إلى أنتيكة، قبلها لم أكن لأشاهد الفتيات اللاتي يرتدين الفساتين ونادراً ما تراهنّ حافيات أو يصرفن أقل من نصف شيكل، لولاها لما أكلنا البوظة في الأكواب الرشيقة بين البدلات الأنيقة، اعتدت على تناول الحليب الطازج والمِش والجبنة مع خبز الطابون كلها كانت من إنتاج مزارع ألبان العائلة، في أوقات الملل كنت أهز "السعن" أتعب ولا تخرج الزبدة فأنتقل للجاروشة الثقيلة، بعد مدة بدأت أفكر جدياً أن المخيم مكان غير صحي ومتكدس مع أني كنت أجد الأُنس في صوت الجيران، هل كان عليهم أن يحدثوا كل هذه الجلبة؟