السبت، 10 أكتوبر 2015

لا بد أنها الأشباح


الليلة بلا قمر وما زلت أرابط في المكان المعتاد، أيضاً الليلة الرياح قوية، سمعت صوت احتكاك جسم بالأرض مرتين، ربما شخص ما، بعد المرة الأولى فكرت في أكثر من احتمال، قد يكون جارنا وزوجته! ترى متى صعدوا للسطح وكيف لم أرهم أو أسمع شيء؟ لماذا لا يكون أخي الذي تسلل من خلف خزانات المياه ليمازحني في إحدى المرات وكاد أن يتسبب بنوبة قلبية، ربما قطة؟ ليس لدينا قطط في البناية أصلاً! الصوت يتكرر، اعتدلت فوراً في جلستي وتفحصت المكان، الرياح قوية، الغسيل يكاد أن يحلّق في الهواء، الأشجار ترقص على صوت "بحيرة البجع"! لا يوجد صوت مسموع لكن الإيقاع واضح جداً ! 


مجرد فكرة وجود شخص ما هنا قد تكون مخيفة، الحل الوحيد هو استدعاء أحدهم لنثبت الفرضية ونرتاح، يوجد أشباح هنا، بالذات خلف خزانات المياه بجوار حبال الغسيل، هناك تقع الجلبة كلها. شبح لفتى ارتقى في مواجهات في عالم مواز ربما، لدي إيمان راسخ بأن الأشباح إن وجدت لن تكون مؤذية، جل ما تبغاه أن تؤنس وحشتها فقط، وأنا لا أمانع، لست بصدد إثبات وجود الأشباح من عدمه، المهم أن شبح الفتى في المكان، وجود شبح أهون بألف مرة من وجود إنسان، وجود أحد من أبناء جلدتنا هنا يعني إرباك مضاعف وخروج عن بروتوكول العزلة، بعكس الأشباح طبعاً، الصوت يتكرر، إنه الشبح لا بأس.
في الأعلى تحجب السماء كتلة ثلاثية من غيوم مستعجلة، تدع المجال لي للتفكير بأمور مشابهة على الأرض هنا، الرياح تصفر وقد صنعت بيدي صدفة سمعت صوتاً مضاعفاً والأمر ممتع بكل الأحوال، وراء الغيوم توجد غابة من النجوم، بعد التدقيق لا تبدوا السماء سوداء، يوجد عدد هائل من النجوم، ثلاثة أو خمسة بضوء أقوى ويبدأ التدرج باللمعان حتى  الاختفاء.
لا تنتهي الأمور دائماً كما نرغب، دون صوت أو حركة كما توقعت، ضربة من وسادة اسفنجية من أعلى "ليش نايمة!" مهند لا يمكن أن يكون شبحاً.

لنكن واقعيين قليلاً إن لتدوين اليوميات ميزات جيدة، خصوصاً للمدون، وكأن أيام العمر لا تسقط كلها، بعضها تثبت بمسامير ربما، أعيد ربما، كذلك ليس بالضرورة أن تكون الصورة كما ينقل، لأنه ينقل ما يريد وكما يريد، فلا يظنن أحد أن للقارئ سلطة هنا، وهذا قد يشكل حافز للكتابة بكل الأحوال. تختلف الأهداف وكثر يكتبون، الدوافع مختلفة والنتائج كذلك، ما الفائدة مثلاً من نص رديء منتشر، أو نص جيد أيضاً منتشر ولكن جمهوره من القشور! لا يمكن الحسم لأن موضوع الكتابة هلاميّ بامتياز، ولا أظن أن تشيكوف مثلاً كان يكتب للمال فقط، الرجل أخرج أفضل ماعنده بالنهاية. كثيراً أسأل نفسي هل كتابتي جيدة؟ تكثر التعليقات والملاحظات ممن أقابل في الحياة الواقعية ويكونون قد صادفوا إحدى التدوينات، لأكون صريحة صديقتي أمل الوحيدة التي آخذها على محمل الجد ولكن ليس تماماً، إنها تحلل النص من تسلسل وأفكار وأسلوب وفكرة عامة، يهمني دائماً أن أعرف ماذا ترى هي، في التدوينة الأخيرة التي تتحدث عن الزواج، كنت صادقة تماماً حين قلت لها أنني مطمئنة لصحتي العقلية خصوصاً بعدما قرأت تعقيبها الكامل، يتبين لي هنا ربما أنني لا أكتب إلا لأرى ماذا لديّ، أعود لسؤالي، هل أكتب جيداً؟ إن حاولت مقارنة كتابتي بأول مرة كتبت فيها والقصة التي فازت بأول مسابقة أخوضها، فأنا أكتب جيد جداً، لكن مقارنة بالكثير، كتابتي متواضعة جداً وأهم ما في الأمر أنها تعبر عن بيسان الأخرى التي تخجل مني، وإنّي وإن كنت باطنياً أريد أن أكتب مثل فلان أو فلان، لذلك أقرأ نفس النص لحسين البرغوثي أو غسان كنفاني خمس مرات ولا أصل ولعلّي أصل.
إذن انقطعت عن الكتابة طويلاً وليس هناك ما يكتب، أصبحت لديّ عقدة التدوين، قبيل النوم أكتب تدوينة عبر الإنترنت الافتراضي أكبس على زر "نشر" وأنام، لاشك أن الإنتقال أثّر عليّ وحاولت جهدي أن أحصل على إلهام واحد في أول شهر ولم أستطع، لا يهم إن كنت أكتب أو لا، المهم الإشارات من وراء ذلك، في المحاضرات أدون الكثير من الملاحظات لكن لايمكن أن تكون على شاكلة التدوين ولو أنها ليست من صميم المادة العلمية مباشرة.
كل المؤشرات والاقتراحات الداخلية تشير إلى الداخل أكثر، ومن يدري؟! على الأقل سيكون سؤال المرحلة (لماذا الكتابة؟).




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق