الجمعة، 30 يناير 2015

زومبي



متلازمة الزومبي هي متلازمة بائسة مخيفة عن كثب، كأن تمتد الغرغرينة لكل أجزاء جسدك. أو يتسلل مرض فطري غريب يكسو جلدك وتتسلل لما تحت الجلد عبر جرح صغير تسبب به دبوس دقيق، فيصبح الجسد غريباً عن نفسه، يشبه قفص في سيرك، في داخله يتلوى نمر بين حلقات النار، وتصفق الحشود.
حدقات العيون صدئة تعمل عبر توسعة وتضييق يدوي، ولا تحب الشمس أبداً، الأمراض الدورية كالأنفلونزا تعود وكأنها ابن عائد بعد منتصف الليل متثاقلاً مترنحاً يهوي على أقرب كنبة، ويغط في النوم، وتسمع صرير الأخشاب تحت غطاء الكنب المتهالك.
في الشارع ترى الناس عرايا، ملابسهم تفضحهم، مشيتهم، كلماتهم المتضاربة والمتصاعدة في الحوارات العشوائية المكررة، ونظراتهم.
الكل خائف، من شيء يريد أن يأتي وآخر يريد أن يأتي، نريد الأول ولا نريد الآخر، لا يأتي الأول، والثاني يأتينا رغماً عنا.
ما هي الحياة؟ إنها قارب متجه إلى إيطاليا، إنها كوبونة مساعدات عاجلة أو شيك يوزع هنا وهناك، الحياة شهادة عزيزة مكلفة لا تأتي بأتعابها.
يوماً ما تحلم أن تطير في الجو ويتحرك الشعر الطويل بعشوئية، متشبثاً بجناح طائرة F16، تسير في السماء أسرع من الجميع، وتضحك وتضحك وتضحك أكثر ثم تبكي كثيراً، تهبط بك الطائرة قليلاً تلقي بالونات حرارية والطائرة الثانية خلفك تلقي بصاروخين نحو الأرض. أين؟ لا يهم، أنا أطير الآن وليس من السهل أن أفتح عيني. لو حاولت وضع يدك كمظلة أمام عينيك لتحجب الهواء قليلاً كي ترى جيداً سيختل توازنك وينزلق جسدك عن جناح الطائرة.
زومبي إذن! درسنا في حصة الأحياء عن الجهاز العصبي في جسم الانسان، أنت لديك وديان مقفرة مكان الأحاسيس الجارية، البرد، السخونة، والألم من الماضي.
لا شيء يخيف لا جيفة حيوان ملقى منذ أسابيع، ولا آخر قابع في الزاوية ينبح بهدوء ويمكن أن ينقض عليك إن شعر بالخطر. كلها يحركها الخوف أو الرغبة بالحياة مثل كائنات أخرى.
الدود مخيف، مهمته أكل الجيف والأشياء المتحللة، وأحياناً أجزاء ميتة من أجزاء كبيرة حية، لو كنت تحس كيف ستشعر بأنياب الدودة الدقيقة وهي تخمش لحمك؟!
زومبي كثر في بلد اليافطات، كلها تقول شكراً، ولم توضع واحدة تشكر الموظف الذي يتسلق الأعمدة كل فترة ويغير الجهة المشكورة.
هل من المنطق أن يأتي بطل ثم يحصل على تأييد شعبي يزج به في ساحة القتال، ثم وحين يحاصر الملك وتسقط القلاع، يحيط نفسه البطل بنفسه، ويترك الحجارة المقابلة في الرقعة تتساقط على رؤوس المؤيدين المساكين؟! يحسبها جيداً البطل لا بد من خدعة للحفاظ على حياته ما أمكن، ليضحي ببعض الأحجار، يضحي بالكثير ، وتستمر اللعبة.
أفضل طريقة للحد من ظاهرة الزومبي كما استخلصت من كل الأفلام التي شاهدتها، هي حصرها في مكان واحد، وبعد مدة لن ترى زومبي واحد، سيأكلون بعضهم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق