لو افترضنا أنني أو أنت في مكان بين مخيم ومنطقة شرقية حدودية، أنت في الوسط تعيش على الطريق العام، وحصلت مجزرة في المنطقة الشرقية، كان فيها رجل في بيته، أصيب برأسه إصابة مباشرة وهو يركض باتجاه الغرب، أراد أن يصل بيت العائلة في المخيم، هو يجري الآن باتجاك أنت ليعبرك ويكمل نحو المخيم، إنه يقترب، عيونه فارغة تماماً ونافورة مفتوحة في رأسه. أريد أن أتوقف هنا لنفكر لو أردت أن أصور المشهد وأعلم أنه سيحصل سلفاً هل أبدأ بك أنت أم الرجل ! الرجل لا يفكر إلا بالوصول للمخيم سيرتاح وسيفكر بماهية السائل اللزج الذي يعمي عينيه، كل شيء مؤجل لغاية الوصول المهم أن يركض ويصل الآن. أنت في بيتك هرعت للباب على صوت القنابل والقصف والناس تجري وتجري وبصرك مركز على الرجل ذو الرأس الدامية "لماذا لا يتوقف لتلقي الإسعافات؟ إصابته خطرة المجنون لأين يذهب؟!! ليوقفه أحدهم، لماذا لا أفعل أنا، لماذا لا أساعده، لو استمر سيموت! تبدو جمجمته من الأعلى محطمة! لماذا لا أوقفه، يجب أن أوقفه، لحظة ربما غيري سيفعل أو من الأفضل ألا أفعل....."..
السؤال هنا كيف ستُرِي المشهد لغيرك؟ من أين ستنظر؟ من أين ستبدأ؟ ألا تخشى لو بدأت بالرجل الذي يجري سترى نفسك مجرماً أحمقاً ربما أو خارج دائرة الحدث، وإن بدأنا بك لن ترى الرجل إلا جزء من المشهد، لا يهم أن تتحرك المهم كيف تتوزع القصة بعدالة؟
لنحاول أن نكمل علنا نصل لحل المرحلة الأولى لاحقاً، وصل الرجل أمام بيتك وأنت أمام القرار الحاسم! نزلت مسرعاً تجاهه سيصلك خلال ثوان، ستتلقفه بذراعيك وتضع قطعة القماش على رأسه لكي توقف النزيف، هاااه وصل تقريباً ......
الرجل رآك في طريقه ظنك ستعرقل فرصته في النجاة، تردد للحظة بأن يقف، يحتاج أن يوقف النزيف، لكن الأمور تتعقد وهو لا يرى نفسه إلا في البيت، أمه زوجته وأطفاله وباقي العائلة، سيكمل سيكمل مهما كلف الثمن وسيتخطى الكائن الغريب الذي يقف بطريقه سيتخطاك، لقد كاد أن يصلك فيتجنبك بخطوة سريعة رشيقة أثناء طيرانه، سقط شيء !! سقط منه شيء ما توقف لأجزاء قليلة من ثانية وأكمل الطريق، نفسه تحدثه بأن ينظر للخلف ولن ينظر لأنه سيصل البيت في المخيم، لا أسرع منه الآن يكمل العدو، بدا جزءاً من الخيال في الأفق وهو يركض.
لنعود لك أنت، فتحت ذراعيك عن آخرهما ستمسك بالرجل وسترجع للخلف قليلاً لكي تمتص ارتطام جسده بك، بقي متران فقط سقط الرجل وارتطمت رأسه بالأرض، تطايرت أجزاء من دماغه ونافورة الدم تسقي الشارع، لقد سرق ما في عينك، وأصبحت عيناكك فارغتان أنت أيضاً، وصل الإسعاف أيضاً من الخلف يجري المسعفون ولم يلحقوه.
حملته أنت والمسعفون، وأنت ترى بعينيه، الكون أحمر والصفائح التكتونية ترتطم بقاع الكوكب وتصعد، أنت لا تدري ما تحمل ولا لأين ولا لماذا، لا تدري بأن الرجل ما زال يركض؟!
ما أفضل طريقة لترى ما ترى، ما افضل عين وأين تقف على الشرفة المقابلة مثلاً؟ من أين بدأت الأحداث؟ ومِن مَن؟ وأين موقع الرجل من الكون الذي انهار أمام عينيك وأين انت وكيف ستأخذ الآخرين إليك؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق