"كان اليوم يوم الأحد
لأول مرَّة أخرجت إلى باحة السجن !
تعجبت لأن السماء زرقاء إلى هذا الحد
ولأنها بعيدة عنِّي إلى هذا الحدِّ، أيضاً !
اتكأت على الجدار تحت الشمس
الآن لا أريد امرأة
ولا حرية
أنا والشمس والجدار ،
وإني لسعيد"
ناظم حكمت
من أوروبا الشرقية وصولاً للشرق الأوسط وصولاً إلى المدارس أو المسالخ، هو الذي طاف عليها كلها ليلاً وعاش معنا نهاراً، الذي أبقى على "دانا" خارج السجن.
لماذا تمشي الحياة بشكل طبيعي جداً؟ يا ناس ! يا ناس ! هو الذي رأى كل شيء! لقد رأى الشبْح والتعذيب، رأى أنبل الناس يصابون بالصرع، وتتساقط أجمل أيامهم في المرحاض، وتتبخر ذاكرته أثناء الصعق بالكهرباء، بعدها تتسلط عليه اللصوص الصغيرة.
لماذا من الأساس تُمنح الوعي الذاتي وأنت دون إرادتك أو بها كاملة قد تذوب على سيخ شواء ساخن، في الرملة أو بئر السبع أو ريمون، هل أنت مسؤول عن معركة ذاتية، لذاتٍ أكبر منك أو عصابة مثلاً؟
المجد عن قرب له لون القروح، الجروح العميقة، والقيح، مع رائحة المياه المتعفنة.
لقد أراد أن ينتقم من الفتاة التي لم تعطه وجهاً في الحانة، تلك الـمجنونة لم تصدقني، بعد كل ما كان وكان، من حقها أن تخاف بالقدر الذي تشاء، ولن أجرؤ على إيذاءها، أخيفها إلى ما لانهاية فقط وأتظاهر باني أذيتها، من أجلي.
أؤمن أن الأثقال تحمل بعداً معنوياً أيضاً، سأشعر بالفخر يوماً "ربما" من الحقيبة، وربما لن أقوى على حملها أكثر، أتخيل لو أخرج أمام جمهورٍ عريض مستعرضةً محتوياتها، يااااه جميل!
الجو يزداد حرارة وأنا أنتظر الباص، إلى متى لا أحترم إرادتي، لا أريد أن أعود الآن، أو لا أريد، ليس بالباص بالطائرة مثلاً، طائرة سريعة جداً، أو مركب يتهادى "على مهله"، المحفظة "بنت الشيكل" تريد الباص.
في هذا الزمن يسير الرجل وسيده أو سيدته في جيبه، لن تشعر بالعبودية إن كان لديك تلك البطاقة الصغيرة، تسحب منها ما تشاء، كيفما تشاء، أينما تشاء، قدرما تشاء من الماكنات المنتشرة في أماكن، هذا النوع.
لا معنى لكل هذا، صدقاً...
- "لماذا يجب أن نكون غامضين إلى هذا الحد؟"
- ألا يوجد جواب في الكتب يا نيتشه؟"
- "لا"
- "إذن أبحث في الحياة!"
- "كيف؟"
- "الإنسان هو القضية كما قال كنفاني والإنسان ليس في الكتب !"
- "أين؟"
- "في البارات والمناجم والشوارع. أبحث عنه هناك".
- "هل تدري؟"
- "ماذا؟"
- "عندما ودعت أبي قال لي كلمات لا أنساها إلى الأبد. قال لي: اسمع ! العالم واسع ! إذا ذهبت للبارات تجدها مليئة، وللكنائس والجوامع تجدها مليئة، والمدارس والمكاتب وأماكن الدعارة تجدها مليئة ... كل مكان مليء بالناس. الناس طرق فاختر طريقك الخاص".
- "هل وجدته؟"
- "لا أدري"
- "لماذا؟"
- لأنني أبصر أعمق مما يجب كما قال باربوس!". "أبي قال لي كلمة واحدة: ستندم. لا أريد أن أراه إذا ندمت، فمن الصعب معانقة الشيخ هذا وأنت فاشل! يلعن العالم! لماذا نفكر نحن فقط، في هذه الأمور؟ هل نحن معقدون ومختلفون عن بقية خلق الله؟"
- "ماذا سيحدث لو فشلت أنت وأنا؟"
- "ننتحر على ما أعتقد!"
- "سخافة! نبحث عن بداية أخرى".
- "هذا سخف! قل لي يا نيتشه أين سنذهب إذا لم تقبلنا السويد وانتهت التأشيرة ليوغوسلافيا؟"
- "كما تهوي بنا يا رجل!"
بالأمس تعلمت كثيراً، نوع المادة المقدمة يتحكم في مدى تركيزك ودرجة تيقظ الحواس، سبع وعشرة، عشر وسبعة، العشرة عبارة عن سبع وثلاث تتخيل؟! الأمر جنوني وكأن سيبيريا تقف على معادلة من هذين الرقمين، ونحن؟! نحتاج ثلاثة فقط، الأربعة أخت الثلاثة، ولدينا اثنتين، مريح الأمر نسبياً، مريح إلى حدٍ كبير.
"-افتح عينيك!
- اغسل وجهك..
- شايف؟
- آه؟!
- لأ انت مش شايف! ياخي خذ الأمور على محمل الجد مرة بس..
- يا أخي اتطلع كويس !
- ولك اتطلع، بضحكوا علينا
- مسألتنا مسألة وقت مش أكثر
- إحنا هننتهي قريب، قريب، أقرب مما تتخيل
- الناس وصلت القمر، واحنا لسا بنقاتل على قطعة قماش
- أخرس؟!!
- ماشي، سلام."
"لا نبصر، نحن العرب، إلّا الجانب المضحك من تاريخنا؟"
"لأن الشرط الأول للتقدم هو التقزز من أنفسناحتى نهرب منها! مسألة بسيطة! العالم الثالث يعبد أوروبا وأوروبا تعبد أمريكا وأمريكا لا تعبد شيئاً ما عدا حرباً عالمية ثالثة. فلنحوِّل عقدة النقص إى تقزّز والتقزّز إلى ثورة والثورة إلى احترام ذات".
"آه بالمناسبة، اللي شافوا ياما ..."
"النصوص بالأسود العريض مقتببسة من كتاب (الضفة الثالثة لنهر الأردن)."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق