الأنفلونزا والتسوق
يعتبر سبب مقنع كفاية
أن تخرج للتسوق لتخف العلة، لا بد من بهجة حدودها السماء، في الفترة الماضية
اعتمدت على المسكنات وكانت فعلاً ناجعة مع أن أداء مستقبلاتي الصوتية لا تكون في
أفضل أحوالها.
التنقل من جنوب
القطاع وحتى شماله وحيدة، أمر قد يكون بغاية الجنون، لكنه الأمتع على الأطلاق، ولا
سيّما حين أكون محملة بالأكياس من رأسي لأخمص قدمي، ربما تظن السيدة أني أتسوق
للبيت، والأخرى تظن أنني في زيارة من منطقة بعيدة.
كثيراً ما يخيفني أن أشتري
ما لا أحتاجه، لكن الأسوأ أن يؤثر شخص ما على اختيارك، لذلك ببساطة أشتري لوحدي،
غالباً الكبار يظنون أنهم الأكثر خبرة، لكن في موضوع المشتريات اؤمن أن مشتريات كل
شخص تعبر عنه، وكل شخص هو جوهرة فريدة في الكون، لذلك الأمر فردي بحت.
الملابس ليست أجمل
شيء على الإطلاق، ربما الكتب؟ الكتب عالم من البهجة، لكن بجانب رفوف الكتب تصطف
قطع أنيقة قديمة جداً، نسيت أمر الكتب وحدقت فيها مطولاً، العقد الأول أحجار كريمة
"أظنه من حجر المرمر" مرصعة بالفضة صدقاً يحبس الأنفاس، وبعدها تمثال
مدهش من البرونز، التماثيل أكثر من أعدها، متعب جداً تأملها، أفضل اقتنائها على
النظر إليها من خلف الزجاج.
ثم يا للحسرة لا أملك
المال الكافي لشراء أرشيف أدبي لندني، صحيح أنني كلما ادخرت مبلغاً من المال أول
ما أفكر به هو شراء قطع وكتب جديدة، لكن لا يكفي أبداً أحتاج المزيد.
لدي هوس بتفقد أغراضي
التي في الحقيبة كل بضعة دقائق حين أكون في مكان عام، لأن النسيان يعشش في عقلي أتذكر مرة نسيت ملابس اشتريتها في الجامعة
وتذكرتها بعد يومين، وبعدها لجأت لطريقة منبه الأغراض، كل 30 دقيقة يدق منبه يسرد
أسماء الأغراض التي أحملها معي. كان مرهق فقررت أن أدون في ورقة كل ما أملك
والأغراض الجديدة، أذكر مرة جربت طريقة حفظ المذكرات بالروائح، كانت تجربة طريفة
جداً، من المفترض أن أتذكر قصيدة بمجرد أن أشتم رائحة عطر معين، لكن حين رن المنبه
نسيت أن عليَّ إخراج الورقة المعطرة من جيبي! وفي كل الأحوال لا أظن أن في هذا
الأمر أي تقصير مني، لأنني أنسى وما باليد
حيلة.
الضياع في المدينة..
ربما تبدوا الفكرة
مخيفة للبعض، أتعلمون أن بداخل كل شخص منا بوصلة تأخذه لحيث سعادته، كثيراً ما
جربت أن أمش لـ لا مكان، وغالباً أمشي باتجاه الغرب وألاقي البحر. ذات مرة كنت
ذاهبة لمقابلة صديقة في مكان عملها والطريق بعيد لكن فضلت الذهاب مشياً، شاهدت
بنايات عالية جداً، طرق تشبه أفاعي عملاقة تصعد وتنزل وتنحني في منعطفات تغطيها
البنايات، وبينما أحدق للأعلى فاجئني صوت زامور عالي من الأمام، كنت سيدة خمسينية في
سيارتها كادت أن تدهسني، رددت عليها بابتسامة كبيرة فقالت مجنونة ومضت.
بقي أن أتمنى أن تحزم
الأنفلونزا أمتعتها وترحل، وأنتم عمتم مساءً .